▪️كتب محمد السامرائي ( خبير قانوني)

بعد يوم من الاحتجاجات امام مبنى السلطه القضائية بشقيها مجلس القضاء الاعلى والمحكمة الاتحاديه كانت كفيلة بهز كيان الدولة مواطنين وموسسات واثارت مخاوف الجميع على مصالحهم ابتداء من الحقوق الطبيعيه للمواطنين والبسبطة ربما قياسا باستقرار اهم مفصل من مفاصل الدولة الذي يمثل الملجئ الاخير للجميع، خصوصا بعد قرار غلق المؤسسات القضائية الذي اثار الرعب في نفوس كل ذي خصومه ومطلب مدني او جزائي او شرعي.
وبدء الناس يفكرون بصمت ماذا بعد ؟ الى من نلجأ ؟ من للفقراء ؟ واقصد المواطن البسيط بعد الله سبحانه غير القضاء لحمايتهم وحماية حقوقهم ؟
وهي مقوله ذكرني بها احد الزملاء من المحامين سبق ان قلتها له في عام ٢٠١١. واكررها اليوم ( ليس لنا الا ان ندعم القضاء فليس لنا وللفقراء مثلنا غير القضاء العادل ).
معادلة صعبة للموازنة بين حق التعبير عن الرأي وهو حق دستوري للجميع ولأناس لديهم قناعة ان الملجئ الاخير هو القضاء وينتظرون من القضاء الدستوري التدخل للتخلص من ازمة دستورية وقانونية وسياسيه خانقة لاتخلو من مخاطر الانهيار بوجود السلاح لدى الجميع.
وبين مدى حدود حرية التعبير عن الرأي التي كفلها الدستور فهي ليست مطلقه بل هي مقيدة بحدود حقوق والتزامات الغير وتقف عندها ، فالقضاء يقدم خدمات يوميه وعلى مدار الساعه لعموم الناس والموسسات ولاتوجد مصلحة في تعطيل عمله ولابتعطيل مصالح الناس.؟
وتسائل البعض اذا كان الاحتجاج حق مشروع بقيوده اعلاه. هل قرار تعليق عمل المحاكم والموسسات القضائيه كان صحيح ؟
نعم قرار صحيح للضرورة الامنية وهو صدر بناءا على سلطة تقديرية منحها القانون لادارات السلطة القضائية سواء في قانون مجلس القضاء الاعلى رقم ٤٥ لسنة ٢٠١٧ او في قانون المحكمة الاتحاديه رقم ٣٠ لسنة ٢٠٠٥ المعدل او في قانون التنظيم القضائي رقم ١٦٠ لسنة ١٩٧٩ والتي تخول رئاسات مجلس القضاء الاعلى والمحكمة الاتحاديه اتخاذ كل مايلزم من قرارات احترازية موقتة لضمان سير القضاء وعمل دوائره ومنحها القانون سلطة تقديرية وهي بالتاكيد قرارات مؤقته لحين تدخل الحكومة للقيام بواجبها الدستوري والقانوني في حفظ الامن وضمان سير المرافق العامه واهمها القضاء، بالاضافة الى ان القضاء بصورة عامة هو لايحكم تحت الضغط والتهديد ابدا اذا كنا نطلب منه قرارات عادلة ومهنية ومنصفه.
الآن وبعد إنتهاء الاحتجاجات وعادت الموسسات القضائية لاداء عملها اليومي بشكل طبيعي، هل انتهت الازمة؟
بالتاكيد لا فمازالت الجماهير المطالبة بالحلول في الشارع تنتظر من يحققها لها وحتى وان انتهت موقتا ستعود. لان اساس المشكلة مازال موجود …
بلد بخيراته المليارية مليئ بالفساد والاهمال والعجز والخراب في جميع المجالات. والسبب سياسيون مازالوا رغم مرور عقدين من الزمن من ممارستهم للسلطة يغلبون مصالحهم الشخصيه والحزبية على مصلحة الشعب والدولة.
ماهي الحلول المتاحة للحفاظ على ماتبقى من مقومات الدولة وكيف نخرج من هذه الازمة باقل الخسائر؟ .
نعتقد ان التنازل عن السقوف العاليه التي يتبناها الفرقاء السياسيين والتوصل الى توافق موقت وابرام عقد سياسي جديد لتجاوز وعلاج اخطاء الماضي و لتشكيل حكومة مؤقته بعمر قليل سنة مثلا وصلاحيات تامه تاخذ على عاتقها اجراء انتخابات مبكرة ليتم على ضوء مخرجاتها تعديل الدستور كاحد متبنيات البرلمان القادم اثناء عمر الحكومة التي تولد من خلاله . وتعديلات الدستور المطلوبة كبيرة وكثيرة ولايسع المقام لذكرها لكثرتها .
وبما اننا نتكلم عن دور القضاء بشقية العادي والدستوري، نجد ان اهم تعديل للدستور هو ضمان استقلالية القضاء بشكل تام فيما يتعلق باختيار وتعيين رئاساته وجعل هذه العملية محصورة داخل السلطه القضائيه وحدها فقط دون تدخل السياسيين والاحزاب كما هو حاصل منذ دستور ٢٠٠٥ عندما جعلوا اختيار رئاسات السلطه القضائيه بفروعها واعضاء محكمة التمييز تمرر بموافقة مجلس النواب في سابقه خطيرة تمثل مثلبة على استقلالية القضاء الذي يضم خيرة القضاة وانزههم واكثرهم علمية .
حتى يبقى القضاء مستقلا عنوانا ومضمونا لانه ضمان الشعب والدولة على حد سواء والملاذ الاخير للجميع.