ذي هيل: ينظر الكثيرون بشكّ لعلاقة «السوداني» مع «المالكي» المعروف بطائفيته وولائه لإيران

▪️نشر موقع “ذي هيل” مقال رأي لباتريشا أكرم، المديرة الإقليمية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمعهد الدولي الجمهوري، تساءلت فيه إن كان تعيين محمد شياع السوداني رئيسا لوزراء العراق بعد عام من الأزمة السياسية، سيجلب التغيير، أم أن حكومته ستكون مثل غيرها.

وتقول الكاتبة إن الموافقة على حكومة ستنهي المأزق السياسي في البلدـ إلا أنه من غير الواضح قدرة الحكومة الجديدة على إحداث التغيير المطلوب.

فالسوداني حظي بدعم ما يعرف بالإطار التنسيقي، وهو تحالف قوي من الجماعات الموالية لإيران، ويحتل 139 مقعدا من 329 في البرلمان. لم يلعب رجل الدين مقتدى الصدر أو تيار الصدريين الذي فاز بالأغلبية في انتخابات العام الماضي، دورا في اختيار رئيس الوزراء الجديد أو رئيس البلاد، وهي المرة الأولى/ بشكل لا يبشر بخير للحكومة التي لا تحظى الآن بالشرعية.

وفي ظل الجدل السياسي الطويل وعدم الاستقرار السياسي المزمن، فالشعب العراقي محق بالشك في قدرة هذه الحكومة على معالجة المشاكل التي تواجه البلاد. وينظر الكثيرون بشكّ لعلاقة السوداني مع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي المعروف بطائفيته وولائه لإيران. وينظر الصدريون للسوداني بأنه رجل المالكي، ويتوقعون تحركات انتقامية منه تستهدف مصالحهم في الدولة.

وتحتاج الحكومة الجديدة لإبعاد نفسها عن المالكي، وإقناع الرأي العام بأنها فوق الخلافات السياسية. ويتطلب ذلك من السوداني وكبادرة حسن نية، اختيار مهنيين وأصحاب خبرات لتولي الوزارات المهمة، وليس من الموالين للأحزاب.

ويواجه العراق أزمات اقتصادية وسياسية وبيئية واجتماعية، والتي سيقوم الصدر -بدون شك- باستغلالها. وأهم امتحان لحكومة السوداني، هو استفادتها من زيادة أسعار النفط لمعالجة مشاكل البطالة بين الشباب العراقيين والتي تصل إلى 40%، إضافة إلى مشكلة انقطاع التيار الكهربائي، والتعافي الاقتصادي بشكل عام. وستواجه الحكومة تحديا لمنع التظاهرات المتقطعة منذ عام 2019، ومن المحتمل أن يزداد زخمها. فقد كانت التظاهرات التي أجبرت رئيس الوزراء عادل عبد المهدي على الاستقالة عام 2019 تعبيرا عن حالة إحباط من مطالب لم تتم معالجتها.

وتشكل في السنوات الماضية تحالف من النخب الشبابية والناشطين والمتظاهرين بهدف الدفع للتغيير السياسي كطريقة لمعالجة الخلل الوظيفي في الحكم.

وقالت الكاتبة إن الفساد المستشري كان المحرك الأساسي للتظاهرات والمطالبة بتغيير النظام السياسي القائم على المحاصصة بين الطوائف العراقية، وأدى إلى ظهور المحسوبية ونظام الرعاية. ولم يفت الكثيرين أن الحكومة الجديدة تشكلت بنفس الطرق والأساليب وبنفس الأحزاب التي سيطرت على النظام السياسي منذ عام 2005. وتشير إلى أن من حق المواطنين المطالبة بوقف الفساد، في الوقت الذي يستمر النظام الذي يعمل على إنتاجه. فآخر فضيحة في وزارة المالية، تتعلق بسرقة 2.5 مليار دولار من سلطة الضريبة والتي قد يكشف التحقيق فيها عن تورط الكثيرين ممن يتمتعون بدعم الأحزاب القوية، بمن فيهم أفراد يدعمون رئيس الوزراء.

وأشارت الكاتبة للتوتر الحاصل بين الحزبين الرئيسين في منطقة كردستان، الحزب الديمقراطي الكردستاني، والجبهة الوطنية لكردستان، حيث من المتوقع تفاوضهما مع الحكومة بشأن المصادر المطلوبة للحكم ومصير كركوك، المرشح لإعادة إشعال خلاف حول إدارة المصادر الطبيعة وحكم المدينة الغنية بالنفط. وزاد التوتر بين الحزبين بعد انتخاب الرئيس عبد اللطيف رشيد، مرشح الجبهة الوطنية لكردستان.

وفي الوقت الذي أنهت الحكومة الجديدة الانسداد والاستقطاب السياسي، إلا أنه ليس من الواضح إن كانت ستستمر وستجلب الاستقرار. وكي ينجح السوداني، عليه التحرر من المحدودية المؤسساتية والقيام بالمهمة الضخمة لإصلاح النظام المختل واقتصاده المعتمد على النفط: أي دولة فاسدين تم هندستها لغسل موارد الدولة عبر قطاع عام متضخم يصب في جيوب زبائن الأحزاب السياسية ويتجنب أي محاولة للمحاسبة.