لاقيمة قانونية للاستقالات المسبّقة قبل تولي المنصب الوظيفي او التشريعي

د.محمد السامرائي/ خبير قانوني.

إن ما أفرزته العملية السياسيه في البلد من تكتلات سياسيه وحزبية فرضت واقعآ مؤسفآ في كيفية التعامل مع الاشخاص الذين يتولون المناصب التنفيذيه المهمة ، وكذلك تولي مهام تشريعية في مجلس النواب او المجالس البلديه من حيث اشتراط بعض قادة الكتل على المرشحين لتولي تلك المهام ومن اجل ضمان الولاء للكتلة او لرئيس الحزب دون الولاء والالتزام القانوني امام الشعب والدولة. بإلزام هولاء المرشحين بالتوقيع على استقالات مسبّقة وتُودع لدى رئيس الكتله او الحزب ،وبما يمثل سابقة خطيرة واجراء مخالف للقانون والدستور يقدح في مصداقية الذين يتولون تلك المهام وكذلك مصداقية من قدمت لهم تلك الاستقالات.

وحيث ان الاستقالة تعبير حقيقي عن ارادة حرة للموظف العام دون اية ضغوطات وتعبر عن ضمير وحرية ذلك الموظف فأن أيّة شائبة تشوبها تجعلها مصابة بالخلل القانوني الذي يمنع من صحتها لاسباب عدك منها:

١ان الاستقالة المبنية على اكراه مادي او معنوي تتعارض مع المفهوم القانوني الحقيقي للاستقالة.

٢ان الاستقالة تكون بعد تاريخ مباشرة الموظف العام وبعد اكتسابه هذه الصفة ،وان العمل على تقديم استقالة قبل ذلك التاريخ يجعل من تلك الاستقالة مقدمة قبل أوانها وغير ذات قيمه من الناحية القانونيه.

٣الاستقالة المسبقة قبل تولي المنصب الوظيفي تتعارض مع واجبات الموظف العام في إحترام قدسية الوظيفة العامه واحترامها وتمثل إستهانه بالدوله وموسساتها .

٤ان اثبات تاريخ تقديم الاستقالة ليس بالأمر الصعب حتى لو خلت من التاريخ مسبقا لوجود امكانية الاستعانه بالرأي الفني لخبراء الأدّلة الجنائية وخبراء الخطوط خصوصا اذا ماكتبت بالقلم الحبر او وقعت به.

٥ان عمليه الاحتيال القانوني الذي من الممكن ان يمارسه من قُدّمت إليه الاستقاله المسبّقه الخاليه من التاريخ بعد تحشيتها ، انما تمثل جريمة تزوير واضحه تُعرّض مقدمها للمسائله القانونيه.

ونعتقد أن القضاء مطالب بالتدخل في هذا الاطار اذا عرضت عليه مثل هذه القضيه ونعتقد ان قراره سيكون الى جانب تطبيق القانون على الجميع.

اما فيما يتعلق بالاستقالات المسبقة الخاليه من التاريخ المقدمه من المرشحين لعضويه مجلس النواب او المجالس التشريعيه الاخرى والتي من الممكن القول فيها ان عضو مجلس النواب ليس موظف عام بل هو ممثل عن الشعب فنقول في هذا الاطار:

١تطبق نفس الاحكام القانونية المتعلقة بعدم قانونية الاستقالة السابقة على نيل العضوية من حيث عدم امتلاكها للقيمة القانونية الواردة في اطار الوظيفة العامة اعلاه، وكذلك من حيث التجريم الجنائي.

٢مما يضاف له ان استقالة عضو مجلس النواب ان الدستور وقانون مجلس النواب ونظامه الداخلي صحيح انه لم يتناول تحديد الجهه التي من حقها قبول الاستقاله مما يمثل فراغ قانوني ودستوري، لكن ذلك يؤكد ايضا على المبدأ العام المتمثل في ان قرارات مجلس النواب هي للمجلس بمجمله كقاعده عامه بأستثناء بعض الامور الاداريه والتنظيميه التي منحها القانون لرئاسه المجلس، لكنها لايمكن ان تمتد الى قبول إستقالة عضو مجلس النواب الذي يمثل مئه الف ناخب وبمثل ارادة الامه التي وضعت ثقتها في مجلس النواب بمجمله وليس برئاسته وحدها.

بالتالي نرى بانه لاقيمه قانونيه للاستقالات المسبقة لمرشحي مجلس النواب لانهم عندما قدموها لم يكونوا قد استحصلوا او اكتسبوا صفة العضويه ايضا.

وعدم قانونيه الاستقالات المسبقة سواء في الاطار التنفيذي او التشريعي فهي على السواء لاتمتلك اية قيمه قانونيه بل انها تمثل جريمه احتيال وتزوير للحقيقه في مستندات واوراق رسميه وبقصد استخدامها او استخدامها فعلا وبما بمثل جريمه تزوير مكتمله الاركان، نعتقد انه من اللازم والضروري الابتعاد عنها مستقبلا لتلافي الوقوع تحت طائله المسؤوليه القانونيه.