▪️زياد الهاشمي
▪️من هو المتسبب الحقيقي بهذه الازمة ومن يجب ان توجه له أصابع الاتهام؟
▪️عرض توضيحي من مصادر رسمية واستقصائية
طوال السنوات الماضية، كان الاتفاق بين البنك المركزي العراقي والفيدرالي الامريكي ان يقوم المركزي العراقي بتسلم طلبات التحويل الخارجي من المصارف المحلية، من خلال استمارات تملؤها تلك المصارف وتقدمها لاكمال تلك الحوالات من خلال نافذة بيع العملة.
هذه الاستمارات يتم تقديمها ألكترونيا للبنك المركزي العراقي ،الذي من المفترض ان يقوم من جانبه بمراجعتها وطلب اي معلومات اضافيه او تصحيح البيانات المغلوطة التي تقدمها المصارف.
وهذه الاستمارات تتضمن طلب معلومات عن الصفقة التجارية، وقيمتها بالدولار، والبائع والمشتري والمستفيد، قائمة البضائع وايصالات المبالغ، مع تعهدات بعدم دعم الارهاب او غسيل الاموال، لضمان ان الحواله شرعية ولا تتضمن دعم لنشاطات غير قانونية.
بعد إكمال كل المتطلبات هذه، يقوم البنك المركزي العراقي من خلال (نظام السويفت)، برفع طلب التحويل ليقوم الفيدرالي الامريكي بتمريره والموافقه عليه، ليتم تحويل مبلغ الحواله من خلال مبيعات مزاد العملة.
الملاحظة المهمة هنا، ان البنك المركزي العراقي كان يقوم طوال السنوات الماضية بإرسال معلومات وبيانات (مختصرة) لهذه الحوالات للفيدرالي الامريكي ،وليس كل ما يحصل عليه من بيانات ومعلومات من المصارف العراقية التي تخص هذه الحوالات، سواء كانت هذه البيانات دقيقه او غير ذلك.
وكانت الحوالات الخارجية تتم خلال يومين او ثلاثه بموافقه الفيدرالي الامريكي، والتي استند فيها الفيدرالي على الثقه المتبادلة والاتفاقات بينه وبين المركزي العراقي، واعتبار ان المركزي العراقي قد قام بواجبه بإجراء التدقيق المطلوب على كل حواله قبل رفعها في (نظام السويفت).
مع مرور الوقت تبين لدى السلطات الامريكية ومن خلال متابعات لحركة الاموال وتدقيق الارقام التسلسلية للدولار، ان الكثير من مبالغ الحوالات وجدت في دول تضع الولايات المتحدة قيوداً او عقوبات اقتصادية عليها ولم تكن اصلاً طرفاً مستفيداً من تلك الحوالات، كإيران وسوريا واخرها روسيا.
مما أوصل الى نتيجة ان مزاد العملة أصبح يُستخدم كواجهة لتهريب الدولار وغسيل الاموال ودعم دول تحت طائلة العقوبات الامريكية، وان البنك المركزي العراقي لم يكن يقوم بدوره بشكل صحيح وانه كان يمرر الكثير من الحوالات المشبوهة بسبب التدخلات السياسية او ضغوطات الجماعات المسلحة.
وقد ارسل الفيدرالي الامريكي طوال سنوات الكثير من التحذيرات الى المركزي العراقي بضروره الالتزام بمعايير التدقيق المطلوبة وإبداء صرامة في قبول الحوالات الخارجية، لكن لم يحدث اي تحسن في أداء المركزي العراقي واستمرت عمليات التحويل المشبوهة بانسيابيه.
وعلى هذا الاساس ابلغ الفيدرالي الامريكي الجانب العراقي عام 2021 بتطبيق نظام إضافي على الحوالات وان التدقيق على الحوالات ستتم من قبل فريق من الفيدرالي الامريكي مباشرة وليس من خلال المركزي العراقي كما كان يحدث سابقاً، وتم تدريب كوادر المركزي على النظام الجديد خلال الفترة الماضية.
أضاف النظام الجديد منصة الكترونية مرتبطة بقاعدة بيانات تجارية وقانونية ومالية ضخمة، تتعلق بنشاطات المصارف والتجار والجهات المستفيدة ونوع البضائع، ويكون التقديم فيها من المصارف مباشرة للفيدرالي الامريكي دون وساطة من البنك المركزي العراقي.
ومع تفعيل المنصة الجديدة، تمكن الفيدرالي الامريكي من رصد كل طلبات الحوالات المشبوهة وعمل على رفضها، مما شكل ضربة قوية لمافيات التهريب التي كانت تعتمد على الثقه بين المركزي العراقي والفيدرالي لتمرير حوالاتها المشبوهة طوال سنوات، اما اليوم فهي في مواجهة مباشرة مع الفيدرالي.
وقد تم رفض مابين 70-80% من الحوالات بسبب عدم مطابقتها للمعايير او وجود شبهات عليها، مما تسبب في انخفاض مبيعات مزاد العملة 70%، وهذا ما دفع مافيات التهريب لسحب الدولار من السوق العراقي والذي أدى الى ارتفاع اسعاره مقابل الدينار وارتفاع اسعار السلع وخلق حاله من القلق في العراق.
وبالرغم من تخفيض الحكومة من خلال البنك المركزي سعر صرف الدولار لمستوى ١٣٠٠/دولار الا انه من المتوقع ان يستمر سحب الدولار من الاسواق العراقية بقوة من قبل مافيات التهريب، لتعويض قيمة الحوالات المرفوضه من خلال مزاد الدولار، وسيكون من الصعب على الحكومة ضبط ذلك.
لكن لازال من المبكر معرفه ان كانت حزم التسهيلات التي اقرها المركزي العراقي لتوسيع عملية دعم الارصدة الدولاريه للمصارف والافراد والشركات ستسهم فعلاً (رغم صعوبه ذلك) من تخفيف حاله القلق في الاسواق واعدت التوازن بين العرض والطلب على الدولار.
لذلك نستطيع ان نوجه اصابع الاتهام بالتسبب بهذه الازمة الى:
1- مافيات التهريب والكيانات السياسية والمسلحة التي تحركها ومصارفها الخاصة
2- الحكومات العراقية والمركزي العراقي لعدم التدقيق والانصياع للضغوطات
3- الفيدرالي الامريكي لاعتماده على المركزي العراقي دون تدقيق للحوالات.