الخبير الإقتصادي: زياد الهاشمي
▪️ماهي ايجابيات وسلبيات رفع قيمة الدينار أمام الدولار ومن الخاسر ومن المستفيد؟
▪️هل يكفي هذا الاجراء ام ان هناك متطلبات أخرى ؟
نحاول ان نجيب على هذه الاسئلة وغيرها بشكل مبسط خلال هذه السلسلة:-
إستقبلت الاسواق والمواطنين قرار الحكومة الاخير القاضي برفع قيمة الدينار أمام الدولار، بنوع من الايجابيه، حيث اعتبرها الكثير حلاً مناسباً لضبط ارتفاع الاسعار الذي حصل خلال الاسابيع الماضية.
وعلى ضوء رفع قيمة الدينار ، انخفضت اسعار تصريف الدولار في المصارف والبورصات بشكل نسبي مما اعطى انطباعاً بنجاح الحكومة في ضبط السوق واعادة الاستقرار للاسعار.
وحسب وجهة النظر الاقتصادية الحكومية، ان رفع قيمة الدينار سيساعد الحكومة في كبح جماح مؤشرات التضخم التي بدأت بالارتفاع مؤخراً، واعادة توجيه اسعار السلع والخدمات الى الانخفاض والاستقرار.
لكن من جانب آخر فإن هناك بعض الانعكاسات السلبية والتي قد تكون خطيره على الاقتصاد بعد خفض سعر صرف الدولار، أولها ان فارق سعر الصرف سيسبب استنزافاً لا يقل عن 6 مليار دولار سنوياً من احتياطات الدولار العراقية، يتم ضخها بشكل مستمر في محاوله لانعاش سعر الدينار امام الدولار.
وحسب مراقبين للاسواق فإن تغيير سعر الصرف لم يسهم كثيراً في زيادة كتله الدولار المتاحة في الاسواق التي لازالت تواجه طلب متزايد على الدولار، مما أدى الى حصول فارق في الاسعار يقدر ب 20 نقطة بين السعر الرسمي واسعار البورصه، ولم يلحظ المواطن بسبب ذلك اي انخفاضات تذكر في اسعار السلع
وهذا الطلب المتزايد يعزوه المراقبون الى استمرار نشاط مافيات التهريب لشراء الدولار المطروح وبكميات مفتوحة لإدامة عمليات تهريب الدولار الى دول الجوار، والتي عرقلتها سابقاً ضوابط الفيدرالي الاميركي والتي قلصت 70% من حوالات مزاد العملة.
من جانب آخر، فإن تغيير سعر الصرف جعل وزارة المالية في وضع صعب بسبب العجز المالي الذي تعاظم أكثر وقد يصل الى مستويات أعلى من 50 مليار دولار، ولا دلائل تشير عن كيفية تغطية وزارة المالية لهذا العجز في موازنة 2023 والتي لازالت بانتظار الاعلان الرسمي عنها.
اضف الى ذلك ان ثقه الاسواق والمواطن بالدينار لازالت محل شك، فهناك شبه إدراك ان تخفيض سعر الصرف لن يكون كافياً لوحده من إعادة حالة الاستقرار للاسواق، خصوصًا ان لقاءات الوفد العراقي مع الجانب الامريكي غير مضمونة النتائج حتى اللحظة وقد يؤدي تعثرها الى انعكاس سلبي على قيمة الدينار.
وبنظره سريعه لشكل الاقتصاد العراقي وطبيعة النظام السياسي القائم، نجد ان الاقتصاد العراقي لازال هشاً يرتبط أداؤه بسعر برميل النفط ومزاد الدولار دون تنوع في الايرادات المالية من مصادر أخرى، كالمشاريع الصغيرة والصناعية، وقطاعات الخدمات والسياحة والنقل وغيرها من مصادر.
وطالما ان الاقتصاد العراقي لازال رهينة سعر برميل النفط وبعيد عن التنوع، وافتقار النظام السياسي للرؤية والرغبة في توسيع قاعدة الاقتصاد وتطهيره من مافيات الفساد، فإن التلاعب بسعر التصريف لن يكون كافياً لوحده لحل الازمات الاقتصادية.
لذلك يمكن القول إزاء كل جهة كالآتي:
المواطن: لن يستفيد من تغيير سعر الصرف وستبدأ الاسعار من الارتفاع تدريجياً مع امتصاص الاسواق لتأثير تخفيض سعر الصرف.
المالية: ستواجه عجزاً كبيراً لتغطية مصاريفها ومع غياب مصادر مالية أخرى، فسوف تتجه للاقتراض وتقليص النفقات التشغيليه والاستثمارية.
البنك المركزي: ستكون احتياطياته تحت ضغط زيادة الانفاق لتحمل فرق سعر تصريف العملة وهذا سيستنزف قدر كبير من احتياط الدولار.
مافيات التهريب وتجار العملة وبعض دول الجوار: هذه الاطراف هي المستفيد الاكبر من تغيير سعر الصرف لسحب الدولار من الاقتصاد العراقي والتربح منه.