▪️زياد الهاشمي:
اعلن البنك المركزي العراقي عن الحزمة الثانية من التسهيلات المصرفية لغرض التعامل من الازمة الاقتصادية التي سببتها عملية تطبيق الضوابط المشددة على حوالات الدولار الخارجية من قبل الفيدرالي الامريكي.
ومن الفقرات الملفته التي تم طرحها في حزمة التسهيلات الجديدة، مسألة التحول من الدولار الى اليوان الصيني، لغرض إجراء عمليات الدفع لصالح الشركات الصينية، مقابل المنتجات او الخدمات التي تحصل عليها الاطراف المستفيدة داخل العراق.
وحسب بيان المركزي العراقي، فإنه سيتم تعزيز أرصدة المصارف بعملة اليوان الصيني او من خلال حسابات المركزي لدى بنك جي بي مورغن الامريكي، للدفع مباشرة باليوان الى الاطراف الصينية.
وحسب اطراف حكومية عراقية، فإن هذا الاجراء سوف يعمل على تخفيف حدة الطلب العالي على الدولار في السوق العراقية وبالتالي سيساعد البنك المركزي على ضبط اسعاره في الاسواق الموازية ومن ثم إعادة التوازن والاستقرار بين العرض والطلب على الدولار.
وهذا قد يتحقق فعلياً الى حد ما، إن تم تطبيقه بطريقه مدروسة وضمن ضوابط محدده، لكن ما يثير الانتباه ان المركزي العراقي، لم يطلب مقابل حوالات اليوان الصيني سوى (فاتورة تجارية) او بعض أوليات الاعتمادات المستندية، وهذا ما يثير الكثير من الشكوك حول الهدف الحقيقي من التحول نحو اليوان.
فهذه التسهيلات قد تعني ان هناك محاولة للتحايل على ضوابط تحويل الدولار التي فرضها الفيدرالي الامريكي ووافق العراق على الالتزام بها، ومن خلال تسهيلات الدفع باليوان يمكن إعادة تدفق الاموال بطريقه غير منضبطة مما سيفتح المجال مرة أخرى للحوالات غير الشرعية وعمليات تهريب الاموال.
ومن جانب آخر، سيقوم المركزي العراقي بالتضحية بكميات غير محدودة من الدولار من اموال مبيعات النفط وتحويله لليوان الصيني وتقييد حركة هذه المبالغ بالصين حصراً وخسارة مرونة رؤوس الاموال الدولارية التي تتيح التبادل التجاري الحر بين العراق و العالم.
إضافة الى ذلك، سيقوم العراق بتحمل عبئ قيمة عملة محلية تابعه لدولة أخرى في حالة تذبذب أسعارها او انخفاضها مقابل الدولار، وهذا ما قد يكبد العراق خسارات مالية كبيرة، هو في غنى عنها.
هذا الى جانب ان التحول نحو الدفع باليوان الصيني، يعد نوعاً من انواع المناكفه للطرف الامريكي، والذي لازال حبر الاتفاقيات، بينه وبين العراق خلال زيارة واشنطن، لم يجف، خصوصًا لو أخذنا ذلك في سياق المنافسه المحتدمة بين الولايات المتحدة وبين الصين على الريادة الاقتصادية العالمية.
لذلك يمكن القول ان هذا التحول نحو اليوان الصيني، قد يؤدي الى هدر كميات كبيرة من اموال واحتياطات العراق من الدولار، من خلال التسهيل للتحايل وتهريب الاموال مجدداً، وكذلك إدخال العراق طرفاً في صراعات اقطاب اقتصادية عالمية، ليس من مصلحة العراق الاستراتيجية الدخول فيها.