القابعون في السجون بإنتظار عفو تتجاذبه اهواء السياسيين

▪️الخبير القانوني د.محمد السامرائي

آلاف الشباب ومنذ سنوات طويلة أكلت أعمارهم ظلمات السجون واغلبهم ليسوا مجرمين بطبيعتهم بل جنحوا عن جادة الصواب ،بسبب عدم الاستقرار الامني والسياسي الذي عصف بالمجتمع ، ونتيجة الخلافات السياسية وفقدان البوصلة لادارة الدولة كأسباب داخلية وتآمر على البلد من جهات وجدت في العراق مغنماً لايمكن التحصل عليه الّا بزعزعة استقراره وزرع الفتنه بين ابناءه كأسباب خارجية، ودفع شباب البلد ثمن تلك الاسباب فمنهم من قتل ومنهم من غٌيب ومنهم من تهجر ومنهم من أُدخل السجون، اما القسم الاكبر منهم فهم ابرياء اخذوا ظلما بجريرة أخطاء السياسه وجورها.

اليوم وبعد أن إنكشفت الغمامة عن أعين أصحاب القرار يكون لزاماً عليهم بذل مايستطيعون لإعادة الحقوق وجبر الاضرار التي أصابت ابناء البلد حتى تكون نهاية لفترات الظلم والحرمان التي أدخل فيها المجتمع والدولة عنوة.

ولعل اهم قرار يمكن اتخاذه هو اقرار (قانون العفو العام) بنصوص قانونية واضحة لاتنتظر التأويل والتفسير وتقديم الطلبات المعلقة على مزاجية منفذي القانون ، حتى لايقع الناس في المحظور ،ويتعرضون للأبتزاز من المسؤولين عن تتفيذه ،او تفسيراتهم الضيقة ،او المتشددة التي تفرغ القانون من محتواه وغاية تشريعه ،كما حصل في قانون العفو العام السابق الذي لم يستفيد منه الا القليل من المظلومين الذين ينتظرون رحمة الله سبحانه ،من خلال تسخير قدرات أولي الامر في اصدار قانون العفو العام المنصف غير المشروط تطبيقه باشتراطات تعجزية.

نعلم جميعا ان هنالك قاعدة عامة ان العفو يكون عن المجرمين وليس عن الأبرياء لان الأبرياء يجب ان لايدخلوا السجن مطلقا وهذا حكم الله وحكم القانون العادل والدولة العادلة.

لكن عندما تسمع ان الاف الشباب قد سجنوا ظلما بوشاية “المخبر السري” والانتقام السياسي ،وان هنالك مظالم كبيرة ربما كانت السبب في عدم استقرار البلد وتخلصه من الفاسدين الذين ،ربما يكونوا اهم ادوات واساب عدم الرحمة بهذا البلد بنتيجة ظلم اهله وزجهم في السجون وفقدان العدالة المنشودة.

كل ذلك دفع الكثير ممن يطالبون باصدار (قانون العفو العام) للقول أفرجوا عن الابرياء وأتركوا قتلة الناس وسراق المال العام وبصوت عالي ،وهذا اضعف الايمان وفيه تطبيق للعدالة.

نعم البلد بحاجة للعفو والتسامح مع من يستحق ومنح الابرياء ومرتكبي الجرائم غير الارهابيه وغير جرائم الفساد منحهم فرصه جديدة للعيش بسلام واعادة اندماجهم في المجتمع ليكونوا اعضاء صالحين ومنتجين ويساهموا في بناء الدولة واقتصادها واستقرارها.

بل الحق والعدل يقتضي تعويض الابرياء الذين اخذوا وسجنوا ظلما بوشاية المخبر السري والانتقام السياسي ،فليس لهم ذنب سوى انهم ينتمون لجماعة او فئة معينه في المجتمع ،وان الدولة ثبت تقصيرها في حينه عن حمايتهم وتحصينهم ودفع الضرر عنهم لان القانون والعدل يقول (ان من يتسبب في الضرر عليه جبره وتعويض من تضرر) ولو بالاعتذار منهم عن سنين ضاعت من اعمارهم والاعتذار لذويهم سواء كانت عن الفقد لارواح لاتعود او سنين من حرمان لاتعوض.

نعم هنالك اعتراضات سياسيه بحتة بعيدة عن الانسانيه في اغلبها لكن بناء المجتمعات واستقرار الدول لايكون الا برفع الظلم وتطبيق العدالة التي قد يكون العفو احد اهم وسائلها عندما يعجز القانون بسبب سوء تطبيقة عن تحقيق تلك العدالة المنشودة.

وهنا نقول على اصحاب القرار واولي الامر ان يبعدوا التجاذبات السياسيه عن (قانون العفو العام) ويتعاملوا بصيغة الاب مع ابناءه غير المعصموين عن الخطأ ويرحم أبناءه عندما تتضح الصورة امامه انهم أبرياء وان ذلك الاب قد أخطأ وظلمهم، فالعفو شيمة الرجال والرحمه من أسماء الله وصفاته اولا ،ومنح جزءا يسيرا منها لمخلوقاته لتدوم الحياة ويعم الخير والامان.

وشهر رمضان شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار وخير الايام للشروع في مشروع قانون الرحمه والانصاف قانون العفو العام الذي طال انتظاره.