العراق بين اللبننّة والأفغّنة

▪️د.رنا خالد

العشر سنوات الاولى بعد 2003 انصب الاهتمام هلى لبننة العراق وهي استراتيجية نجحت بطريقة مذهلة، ‏ولكن السنوات الاخيرة برزت استراتيجية جديدة وهي (أفغنة العراق ).

‏-معنى الأفغنة :

‏والافغنة نعرفها بانها تفتيت البلاد الى مقاطعات يحكمها امراء وقادة حرب محليون.

‏ *مراحل الأفغنة :

‏-المرحلة الاولى:(الأفغنة) وفق معايير ومتطلبات الحرب بالانابة ،مرحلة الحرب الباردة وصراع القطبين.

-المرحلة الثانية: (الأفغنة) وفق معايير ومتطلبات مرحلة نشر الديمقراطية وسيطرة القطب الامريكي الواحد.

‏-المرحلة الثالثة: (الأفغنة) وفق معايير ومتطلبات مرحلة الحرب المفتوحة وتعدد الأقطاب الدولية ، وتمكين الجماعات المسلحة من ان تصبح قيادات وحكومات معزولة ومنبوذة لكنها محمية ومضمونة عبر طرف اقليمي او دولي.

‏وهذه هي المرحلة التي يراد ادخال العراق فيها والتي بدأ الحديث عنها منذ الانسحاب الامريكي المخزي من افغانستان 2021 والذي اثبتت الأحداث انه جزء من بداية مرحلة جديدة تشمل اعادة رسم خرائط سياسية جديدة في المنطقة .

‏الفكرة ليست اختراع جديد بل كان مطروح منذ الاحتلال الامريكية للعراق 2003 ،ولكن العراق لم يكن قابلاً لان يتم أفغنته وفق “المرحلة الثالثة” قبل ان التأكد من ترسيخ فكرة صراع الطوائف والاقليات واجنحتها العسكرية .

‏وبالمناسبة (الأفغنة) لن تشمل العراق فحسب بل ان هنالك العديد من الدول في المشرق العربي جاهزة لتطبيق النموذج الافغاني ( اليمن لبنان ليبيا سوريا )، ولكن اخطر مكان لتطبيق هذا النموذج سيكون العراق..

-لماذا تعود فكرة (أفغنة) العراق اليوم ، هناك سببين :

*الاول : هو قاعدة يجب ان لا يتم اغفالها على الاطلاق وهي ان اي مفاوضات وتسويات وحلول لقضية الصراع في المنطقة وخاصة القضية الفلسطينية لم ولن ولا تتم قبل ان يحدث تغيير وتحريك للوضع في العراق وهذا منهج امريكي غربي لن يتغير منذ سبعين عام ‏لان العراق هو عمق القضية الفلسطينية وعمود من اعمدتها روحيا وفكريا واستراتيجياً.

*الثاني: هو ماقالة “نتنياهو” في اول ساعات الحرب وهو ان هذه الحرب ستغير خارطة المنطقة وهذا يعيدنا الى اصل القصة ،وهو اعادة رسم وتشكيل خارطة الشرق الاوسط ،وفق نظرية التفتيت التي حتما ستكون مفيدة ،ليس فقط لاسرائيل بل لكل تلك القوى الاقليمية والدولية الكبرى .

‏اعادة رسم الخرائط في المنطقة اصبحت حاجة وهدف غربي في غاية الاهمية لمستقبل الاقتصاد والسياسة العالمية .

وأي رسم لتلك الخرائط والحدود الجديدة لابد ان يسبقه عملية تفتيت للكتل البشرية الكبيرة والاساسية في المنطقة وجعلها تقاد من قبل جماعات ومكونات غير قابلة للانصهار والقبول في المجتمع الدولي..وهذه هي جوهر فكرة الأفغنة

‏واخيراً للتنبيه ..قبل سنوات طويلة كتبنا حول لبننة العراق ونلنا في وقتها من النقد ما نلناه ولكن بعد سنوات اصبحت اللبننة واقعاً نعيشه و نمضغ سمومه.

لذلك الذي لم يقرأ التاريخ ويدرس المفاهيم ويتابع الاحداث والقضايا عبر ادبياتها وتفاصيلها لا يحق له القفز الى ما نكتبه فنحن نكتب للتوعية ولتبادل الافكار مع من سار في درب البحث والتقصي وبناء افكار وانطباعات تراكمت عبر عديد السنين والتجارب والكتابات ،لذلك لا ترفع السيوف من اغمادها حول كل فكرة جديدة لا تعجبك بل تعلم ان تقرأ وتستوعب وتبني افكار وحلول من كل ما تقرأ حلواً كان ام علقماً.